قصة مثل هم في عيش لايطير غرابه
 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

" هُـمْ في عيش لا يطير غرابــه "
وأصله أن الغراب إذا وقع في موضع منه لايحتج أن يتحول إلى غيره ، وقد يضرب هذا المثل في الشدة أيضاً .
ومن الأمثال في الخير قول النابغة :
" ولرهط حَرّابٍ وَقَـدٍّ سُوْرَةٌ...في المجد ليس غرابها بِمُطار" (1)
يريد النابغة سعة مجدهم وتمكنه ، والسورة : المنزلة الرفيعة ، وكانوا إذا وصفوا المكان بالخصب وكثرة الشجر يقولون " لا يطير غرابه " يريدون أنه إذا وقع في مكان وجد ما يحبسه فلا يحتاج أن يتحول ولا يطير إلى غيره ويكون أيضاً أن أهل ذلك الموضع المخصب لايطيرونه عما يقع عليه لكثرة الشئ عندهم وهوانه عليهم .
وأما قول : أن هذا المثل يضرب في الشدة فلأن الزمان إذا اشتد والجدب إذا أفرط هلك المال وجيّف فيقع الغراب منه حيث يشاء ويأكل هو وسائر سباع الطير وغيره كيف أحب ، لايطار منه شئ ولا يهاج ، وعلى هذا المعنى قالوا : " نعيم كلب في بؤس أهله " وقال الشاعر :
أراني إذا ما الكلب أنكر أهله...أُفَدَّى وحين الكلب جذلان نابح
إذا أنكر الكلب أهله : إذا لبسوا السلاح للحرب لم يعرفهم الكلب ، كما قال الشاعر:
أُناس إذا ما أنكر الكلب أهله...حموا جارهم من كل شنعاء مُضْلعِ (2)
يقول الشاعر : أفدى في ذلك الوقت لأني أقاتل عنهم ، وحين الكلب جذلان في الجدب إذا موَّتت الإبل أكل وفرح ،أفدى لأني أفضل وأطعم .
1ـ قوله حراب وقد: هما رجلان من بني أسد ، سورة : يعني منزلة وفضيلة .
2ـ مضلع : ثقيلة ، لايقوم لمثلها غيرهم .
فصل المقال
ولكــــــــم تحيــــــــــــاتي